الحمد لله
لمعرفة الفرق بين هذين النوعين لا بد أولا من توضيح معنى كل منهما ، وبيان الصور التي يطلق عليها العلماء هذين الوصفين ، ثم تحديد أوجه الشبه وأوجه الافتراق بينهما . فيقال :
أولا :
يطلق العلماء الوصف بالنكارة على الصور التالية :
الصورة الأولى : بعض حالات التفرد ، وذلك في :
1- أن ينفرد برواية الحديث الراوي الصدوق النازل عن درجة أهل الإتقان ، وليس له عاضد يصحح به ، ترى هذا في كلام أحمد بن حنبل وأبي داود والنسائي والعقيلي وابن عدي وغيرهم .
2- تفرد المستور ، أو الموصوف بسوء الحفظ ، أوالمضعف ، وليس له عاضد يقوى به . ( انظر الموقظة/42 ، تدريب الراوي 2/278 ، النكت لابن حجر 2/674 )
الصورة الثانية : بعض حالات المخالفة :
1- مخالفة المستور ، أو الموصوف بسوء الحفظ ، أو المضعف ، وإذا كثرت مخالفة الرواي أصبح متروكا ، وعليه أكثر ما يطلق الوصف بالنكارة .
2- مخالفة الثقة من هو أوثق منه أو أكثر عددا .
(انظر تدريب الراوي 2/277)
الصورة الثالثة : أنواع من الحديث الضعيف لأسباب أخرى ، كالمدرج ، والمنقطع ، وحديث المجهول ، وقع ذلك في كلام غير واحد من الأئمة المتقدمين ، كيحيى بن سعيد القطان ، وأحمد بن حنبل ، وأبي زرعة ، وأبي حاتم ، وأبي داود ، والنسائي ، وغيرهم ، يطلقون لقب ( المنكر ) على هذه الأنواع .
(انظر النكت لابن حجر 2/675 ، تحرير علوم الحديث لعبد الله الجديع 2/ 1036 ) .
ثانيا :
الحديث المضطرب لقب أطلقه العلماء على الصور التالية :
الصورة الأولى : أن يروى الحديث على أوجه مختلفة متساوية في القوة ، بحيث يتعذر الترجيح .
وتصح دعوى الاضطراب حين يتعذر الجمع بين الوجوه المختلفة ، فإذا أمكن الجمع فلا اضطراب .
والصورة الثانية : التردد في الإسناد أو المتن من الراوي المعين ، فيقال : ( كان فلان يضطرب فيه فتارة يقول كذا ، وتارة يقول كذا ) .
(انظر تدريب الراوي 2/308 ، النكت لابن حجر 2/773) .
ثالثا :
يتبين مما سبق الفرق بين النكارة والاضطراب وذلك من جهتين :
الأولى : أن المنكر يطلق على تفرد من لا يُحْتمل تفرده ، من مستور أو ضعيف برواية لم يتابع عليها ، يعني : أن الوصف بالنكارة لا يشترط له تعدد الروايات والمخالفة بينها ، أما المضطرب فلا يطلق إلا على ما جاء من أكثر من وجه ، ثم اختلفت هذه الوجوه بحيث لا يمكن الجمع ولا الترجيح بينها .
الثانية : ثمة فرق آخر ، وهو أنه عند تعدد الطرق فإننا ننظر ، إن استطعنا تحديد الأرجح منها فإن المرجوح يوصف بالنكارة ، في حين أننا لا نصفه بالاضطراب إلا حين تستوي الأوجه الواردة ، ولا يمكن الترجيح بينها .
والله أعلم