عقد في مدينة نيقية بتركيا بعد ما ظهر رجل يدعى "آريوس" يظهر الاعتقاد بأن المسيح رسول من عند الله، مخلوق كغيره من البشر، ليس له صفات الإلهية، فدعا الملك "قسطنطين" كنائس النصارى لعقد مجمع للفصل بينهم في حقيقة المسيح -عليه السلام-، فحضر المجمع (2048) أسقفًا من مختلف أنحاء العالم، ثم انقسموا فريقين فريق يؤيد (آريوس) في اعتقاده، وكانوا (1731) أسقفًا، وفريق معارض يقول بألوهية المسيح، وكانوا (317) أسقفًا فقط برئاسة (إثناسيوس) الذي كان شماسًا في كنيسة الإسكندرية.
استعرض الملك (قسطنطين) الآراء، ومال إلى رأي (إثناسيوس) وأتباعه -رغم قلتهم-؛ إذ يقرون بتجسد الآلهة ونزولها من السماء، كما كانت عليه عقيدة الرومان الوثنية التي يؤمن بها "قسطنطين"، فوجد هذا الوثني ضالته في ذاك الرأي.
ومن أعجب العجب أن يفصل هذا الوثني بين طوائف النصارى المختلفة حول حقيقة المسيح، ويستنصروا به في نصرة مذهبهم رغم وثنيته، ولعلهم اضطروا إلى تعميده في مرض موته؛ لئلا يكون ذلك وصمة عار في جبينهم ومستمسكًا عليهم لمخالفيهم ممن رفضوا عقيدته الوثنية، ولكن مهما فعلوا فسيظل ذلك وصمة عار في جبينهم، حتى يرجعوا إلى ما كان عليه المسيح -عليه السلام- من التوحيد.
وفي هذا المجمع أصدر المجمع قانون الإيمان الذي اتفق عليه موافقو (قسطنطين) و(إثناسيوس) والذي يقرون فيه بأن المسيح هو: "ابن الله الوحيد، المولود من الآب قبل كل الدهور، نور من نور، إله حق من إله حق، مولود غير مخلوق، مساوٍ للآب في الجوهر"، وهذا الذي عليه كافة طوائف النصارى اليوم.
وفيه أيضًا اختيرت الأناجيل التي لا تتنافى مع معتقدهم وتجميعها في مجلد واحد أصبح فيما بعد "العهد الجديد"، الذي يجمع أناجيل (مرقس) و(متى) و(لوقا) و(يوحنا)، وأحرقوا كافة الأناجيل الأخرى التي تتعارض مع معتقدهم، وإن كانت أقدم من تلك الأناجيل المختارة، ويؤكد ذلك اكتشاف (إنجيل يهوذا) الذي يناقض ما هم عليه من وثنية، والذي يعتبر تاريخه أقدم من تاريخ تلك الأناجيل الأربعة، كما يظهر من مخطوطاته التي تشير إلى القرن الثالث الميلادي.
وعلى إثر هذا المجمع لُعن (آريوس) ومن معه ممن أنكروا ألوهية المسيح -عليه السلام- وصلبه.
3- مجمع القسطنطينية الأول (381م):
وفيه أقر القول بألوهية الروح القدس الذي نصره (ملانيوس) ضد (مكدونيوس) الذي نفاها.
4- مجمع أفسس الأول (431م):
وفيه أقر قول (نسطورس) الذي تنسب إليه (النسطورية)، والذي كان يقول: إن للمسيح طبيعتين لاهوتية وناسوتية، وأن مريم ولدت الناسوت فقط دون اللاهوت.
5- مجمع أفسس الثاني (449م):
وفيه أقر قول (أوطيسوس) بأن المسيح قبل التجسد له طبيعتان، وأما بعد التجسد فله طبيعة واحدة متحدة الناسوت واللاهوت، وهذا هو قول (اليعقوبية) قديمًا و(الأرثوذكس) حديثًا.
6- مجمع خلقيدونية (451م):
وأنشئ بسبب اختلافهم حول طبيعة المسيح، إذ نصر القول بأن للمسيح طبيعتين ومشيئتين، إحداهما ناسوتية والأخرى لاهوتية نتيجة حلول اللاهوت (الأب) في الناسوت (الابن)، بينما ظلت طائفة أخرى تقول بأن للمسيح طبيعة واحدة متحدة اللاهوت والناسوت، وأنهما لم يتفارقا لحظة واحدة.
وهذا المجمع هو الذي قسم الكنائس النصرانية إلى قسمين، فالكنائس الرومانية والبيزنطية تقول بالقول الأول الذي أقره هذا المجمع، والكنائس الشرقية والأرمينية والسريانية تقول بالثاني الذي عارضه وأنكره، ولذلك فهي لا تقر بهذا المجمع ولا بما بعده.
وعلى هذا الاختلاف نشأ الاختلاف المعاصر بين الكنائس النصرانية، فتوارث الكاثوليك القول الأول، وتوارث الأرثوذكس القول الثاني.
7- مجمع القسطنطينية الثاني:
وفيه أقرت مقالة (الملكانية) مرة أخرى بحد السيف بعد أن كادت تضعف أمام (اليعقوبية).
8- مجمع نيقية الثاني:
وفيه أقر القول بقيامة المسيح ضد من نفاها والتأكيد على ما أقر في مجمع (خلقيدونية).
9- مجمع رومية:
وكان هذا زمان معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنهما-، وفيه ثبتت أقوال المجامع السابقة له بدءًا من مجمع (خلقيدونية).
10- المجمع العاشر:
وفيه أقر ما أقر في المجمع التاسع.
الخلاصة:
هذه هي أشهر المجامع عند النصارى، وإن كان أشهرها سبعة مجامع، وهي ما عدا الأول والتاسع والعاشر، وهذا وفقًا للكنائس الرومانية والبيزنطية "والتي انبثق منهما المذهب الكاثوليكي"، أما الكنائس الشرقية والأرمينية والسريانية "والتي انبثق منها المذهب الأرثوذكسي" فالمجامع عندهم أربعة فقط من هذه السبعة، فلا يقرون بمجمع خلقيدونية وما بعده، إذ أنها أقرت عقيدة الطبيعتين والمشيئتين التي تنكرها تلك الكنائس.
وأشهر هذه المجامع كلها (مجمع نيقية) ثم (مجمع خلقيدونية)، فالأول أقر ألوهية المسيح وأُصدر فيه قانون الإيمان المسيحي الذي يؤمن به كافة طوائف النصارى اليوم، والثاني أقر عقيدة الطبيعتين والمشيئتين، وهو الذي قسم الكنيسة إلى طائفتين على إثر اختلافهم حول طبيعة المسيح.
وكما ترى؛ فهذه نتيجة تلك المجامع التي فصلت بين الطوائف النصرانية، تفرق وتشرذم ولعن؛ لأجل أنهم لم يسلكوا الطريق القويم لمعرفة ما يعتقدونه برجوعهم إلى ما كان عليه سلفهم، حتى قال بعض العقلاء فيهم: "لو اجتمع عشرة من النصارى يتكلمون في حقيقة ما هم عليه لتفرقوا عن أحد عشر مذهبًا"!!
لا عجب، فقد تجد الواحد من هؤلاء يحمل بين طيات جنباته اعتقادات مختلفة يضرب بعضها ببعض، تختلف عما يحمله أبوه وأمه، حتى إنه ليكفرهم ويلعنهم ولا يشعر، بل ربما يلعن نفسه ولا يشعر!!
يقول ابن القيم -رحمه الله- في هداية الحيارى ص345:
"وقد اشتملت هذه المجامع العشرة المشهورة على زهاء أربعة عشر ألفًا من الأساقفة والبطاركة والرهبان، كلهم يكفر بعضهم بعضًا ويلعن بعضهم بعضًا، فدينهم إنما قام على اللعنة بشهادة بعضهم على بعض، وكل منهم لاعن ملعون".
فهذا هو حالهم، فلمْ نبعد إذ أطلقنا عليها "مجامع اللعنة".
مصادر يمكن الرجوع إليها في ذلك:
هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى، لابن القيم.
مناظرة بين الإسلام والنصرانية، لمجموعة علماء.
www.salafvoice.comموقع صوت السلف